قطاع البناء هو من أكثر القطاعات استهلاكًا للموارد الطبيعيّة وإنتاجًا للإنبعاثات الكربونيّة، مما يسهم بشكل كبير في تغير المناخ ومع تزايد الوعي العالمي بمخاطر التغير المناخي، أصبح من الضروري تبني استراتيجيات فعالة لخفض البصمة الكربونية في هذا القطاع الحيوي وهذه الاستراتيجيات تتنوّع ما بين تحسين كفاءة استخدام الطاقة، واستخدام مواد بناء مستدامة، وتصميم المباني بأساليب تقلل من الانبعاثات، ومن خلال استعراض هذه الاستراتيجيات، يمكننا فهم كيفية تحقيق التوازن بين التقدم العمراني والحفاظ على البيئة، مما يسهم في بناء مستقبل أكثر استدامة.

البصمة الكربونيّة هي عبارة عن مقياسًا للإنبعاثات الكربونيّة التي تنتج من عمليات البناء والتشييد والتشغيل المُرتبطة بها، وتشمل البصمة الكربونيّة انبعاث غازات دفيئة من مثل غاز ثاني أكسيد الكربون وغاز النيتروز وغاز الميثان، والجدير بالذكر أن الإنبعاثات الكربونيّة في صناعة البناء تتولّد من عدّة مصادر تشمل استهلاك الطاقة الضخم في عمليات البناء والتشييد وتشغيل المباني، بما في ذلك استخدام الكهرباء والوقود، كما تُعزى البصمة الكربونيّة ايضًا إلى استخدام المواد البنائيّة التي تتطلّب منك عمليات تصنيع ونقل وتركيب تسبب انبعاثات إضافيّة، كما تُسهم النفايات ايضًا في صناعة البناء في البصمة الكربونيّة، حيث ينبعث غاز الميثان عند تحلل النفايات العضويّة في المكبات الصحيّة، اما هدف خفض البصمة الكربونيّة في صناعة البناء فيتمثّل في تحقيق استدامة بيئيّة وتثليل التأثير البيئي الناتج عن هذه العمليات، فعندما يتم تقليل البصمة الكربونيّة في صناعة البناء، يُمكنك تحقيق فوائد عدّة تشمل تقليل التلوّث البيئي وحماية الموارد الطبيعيّة وتحسين جودة الهواء والماء، بالإضافة إلى تحقيق توفير في استهلاك الطاقة وتكاليف التشغيل على المدى الطويل.

- التصميم المعماري الذكي:يتم توظيف تقنيات التصميم المعماري الذكي لتحقيق أقصى استفادة من الإضاءة الطبيعيّة وتهوية المباني وتقليل استخدام الطاقة اللازمة للتدفئة والتبريد.

- العزل الحراري: يتم تحسين عزل الجدران والأسقف والأرضيات لتقليل تسرّب الحرارة والتكيّف مع متطلبات الحفاظ على درجات الحرارة المُناسبة داخل المباني، مما ييؤدي إلى التقليل من استهلاك الطاقة لأغراض التدفئة والتبريد.

- الطاقة المُتجددة: يشتمل استخدام مصادر الطاقة المُتجددة مثل الطاقة الشمسيّة وطاقة الرياح والطاقة الحراريّة الجوفيّة لتوليد الكهرباء وتلبية احتياجات المبنى من الطاقة.

- إدارة المياه: يتم استخدام تقنيات جمع مياه الأمطار وإعادة تدوير المياه الرمادية للتقليل من استهلاك المياه العاديّة، ويتم استخدام التكنولوجيا ذات الإستهلاك المُنخفض والحنفيات الذكيّة لتحقيق توفّر المياه.

- مواد البناء المُستدامة:يتم استخدام مواد بناء مُستدامة مثل الخشب المُعاد تدويره والمواد العضوية والخرسانة ذات الأثر البيئي المُنخفض للتقليل من استنزاف الموارد الطبيعيّة والنُفايات.

- إدارة النُفايات: يتم تطبيق تقنيات فعّالة لفرز وإعادة تدوير النفايات البنائيّة والتخلّص الصحيح منها والعمل على تقليل إنتاج النفايات بشكلٍ عام.

- التصميم والتخطيط المُستدام الذي أصبح ضرورة لا غِنى عنها بالنسبة للمُتخصصين في صناعة البناء، حيث يهدفون إلى تقليل تأثير الأنشطة البشريّة على البيئة بشكلٍ كبير، ويكمُن مفتاح النجاح في مُراعاة التأثيرات البيئيّة منذ البداية، مما يُمكننا من خلاله إنشاء مشاريع تقلل من انبعاثات الكربون وتُحافظ بالتالي على الموارد.

- اختيار مواد بناء مُستدامة وإدارتها، لتقليل البصمة الكربونيّة وتعزيز مُمارسات البناء المُستدامة في ضرورة دمج مواد البناء الصديقة للبيئة وقابلة لإعادة التدوير، بحيث يُمكن اختيار مواد مُستدامة مثل الأخشاب المُعاد تدويرها والمُستصلحة بالإضافة إلى أرضيات البامبو أن يُقلل بشكلٍ كبير من التأثير البيئي الناجم عن عمليات البناء، بالإضافة إلى ذلك يُمكن أن تُسهم ممارسات إدارة النفايات الفعّالة من مثل إعادة التدوير واستعادة المواد في تقليل كميّة النفايات المتجهة إلى المدافن بشكلٍ كبير مما يُحافظ على الموارد القيّمة.

- تعزيز كفاءة استخدام الطاقة للحد من انبعاثات الكربون، ومع تصاعد أهمية تقليل هذه الإنبعاثات ظهرت مواد وتقنيات البناء المُتقدمة التي تولي الأولويّة للحفاظ على الطاقة، ومن الطُرق الأكثر فعاليّة لتحقيق كفاءة الطاقة هي أنظمة العزل وأنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء التي تتطلّب طاقة أقل للعمل، بحيث تُتيح هذه الحلول المُراقبة الفعليّة لإستهلاك الطاقة وتقليل النفايات وتحديد مصادر المواد، بالإضافة إلى تتبّع عمليات البناء وكفاءة الميزانيّة.

- الحفاظ على المياه:يُعتبر الحفاظ على المياه من الأمور الضروريّة لتحقيق الإستدامة في صناعة البناء، ويُمكن القيام بهذا الأمر من خلال تبني مجموعة من الإجراءات والتدابير والتقنيات التي بجورها تهدف إلى تقليل استهلاك المياه وتحسين كفاءة استخدامها في العمليات البنائسّة، وهذه الإستراتيجيّة تتضمن استخدام أنظمة وتركيبات موفرة للمياه، وتجميع مياه الأمطار، بشكلٍ عام استراتيجيّة الحفاظ على المياه في البناء تُعزز من الإستدامة وتحمي موارد المياه الثمينة، فمن خلال تنفيذ هذه الإستراتيجيّة يُمكن تحقيق توفير ملحوظ في استهلاك المياه وبالتالي تقليل الضغط على مصادر المياه التقليديّة.